صوم الصبيان : [ من كتاب : الاحتفال بأحكام وآداب الصبيان ]



صوم الصبيان :  [ من كتاب : الاحتفال بأحكام وآداب الصبيان ]  

الحديث الحادي عشر : صوم الصِّبيان
    عن الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ رضي الله عنها قالت: أَرسل النبيُّ r غَدَاةَ عاشُورَاءَ إلى قُرى الأنصار: «من أصبحَ مُفطِرًا فليُتِم بَقِيَّةَ يَومِه، ومن أصبحَ صائِمـًا؛ فَليصُم».
    قالت: فكُنَّا نصُومُهُ بَعدُ، ونُصوِّمُ صِبياننا، ونجعلُ لهم اللُّعبَةَ من العِهنِ، فإذا بكى أحدُهُم على الطَّعامِ؛ أعطيناه ذاك حتَّى يكون عند الإفطار.   العِهن: الصُّوفُ.

تخريج الحديث:
رواه البخاري (1960) (باب صوم الصبيان)، ومسلم (2639).

الأحكام والآداب المتعلقة بالحديث: 

الأول: دلَّ الحديث: على مشروعية الصوم للصبيان، وعلى ذلك بوّب أهل العلم في مصنفاتهم. ومما يدل عليه كذلك:

   - عبدالله بن أبي الهذيل قال: أتي عمر رضي الله عنه بشيخ شرب الخمر في رمضان، فقال: للمنخرين للمنخرين، في رمضان وَوِلداننا [وصبياننا] صيام ؟ فضربه ثمانين، وسيّره إلى الشام.
[رواه البخاري في صحيحه مُعلَّقًا (4/220) (باب صوم الصبيان)، وعبدالرزاق (13557)، و (17043)].

الثاني:  متى يُؤمر الصبي بالصيام ؟
   كان السَّلف الصالح يأمرون صبيانهم بالصيام إذا أطاقوه.
   - عن هشام بن عروة رحمه الله قال: كان أبي يأمر الصِّبيان بالصَّلاة إذا عقَلُوها، والصِّيام إذا أطاقوه.
   ورُوي نحوه عن الزُّهري، وابن سيرين، والأوزاعي، وقتادة، وأحمد وغيرهم.
   [انظر: «مصنف» عبدالرزاق (4/153-154) ( باب متى يؤمر الصَّبي بالصِّيام )، و«مسائل أبي داود» (660)، و«المغني» (4/413)].

الثالث: أمر الصَّبيُّ بالصِّيام إنَّما هو من باب الندب والتعوُّد على الطَّاعة والعبادة.
   - قال ابن المنذر رحمه الله في «الإقناع» (1/194): ويُؤمر الصَّبي بالصَّوم إذا أطاقه، أمرُ ندبٍ. اهـ

الرابع:  مسألة: هل يؤمر الصبي بقضاء ما أفطره قبل بلوغه وهو مُطيق للصيامه ؟
   - قال ابن قُدامة رحمه الله في «المغني» (4/414): فأما ما مضى من الشَّهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه، وسواء كان قد صامه، أو أفطره، هذا قول عامة أهل العلم.  وقال الأوزاعي: يقضيه إن كان أفطره وهو مُطيق لصيامه.
  ولنا أنه زمنٌ مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء الصَّوم فيه، كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان. اهـ

الخامس: دلّ الحديث على جواز إدخال الصِّبيان المساجد. وقد تقدم الكلام عنها في الحديث التاسع

السادس: وفي الحديث كما في لفظ مسلم: (ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن): دليل كذلك على إدخال لعب الصِّبيان مما ليس فيها محظورٌ شرعي إلى المسجد؛ ليتلهى بها الصبي عما يطلبه.
   وسيأتي الكلام عن أحكام لعب الصبيان عند الحديث السابع والثلاثين. 

السابع: في الحديث بيان ما كان عليه نساء الصَّحابة رضي الله عنهنّ من تأديب أولادهن وتدريبهم على العبادة والطَّاعة.
    وعلى ذلك سار نساء السَّلف الصَّالح في تربية أبنائهن، وتنشئتهم على الطاعة والعبادة، واتباع السُّنة، كما تقدم ذلك في [ باب تعليم الصبيان ]  
دور كثير من الأمهات في حثِّ أبنائهن وترغيبهم على طلب العلم، وحضور مجالس العلماء، فأخرجن لنا أئمة يُقتدى بهم في العلم واتباع السُّنة، كأمثال: سفيان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى، وغيرهم من علماء السُّنة الذين حظوا بأمهات ومُربيات صالحات كُنَّ سببًا في تقدمهم وتعلمهم.
   وأما واقع الأمهات اليوم - إلَّا ما رحم الله تعالى - فهو مرير، فقد تخلين عن تلك المسؤولية التي أخبر عنها النبي r بقوله: «والمرأة راعية على بيت بعلِها وولده وهي مسؤولةٌ عنهم» [رواه البخاري (2554)]، فانشغلن بأنفسهن ومصالحهن وتخلين عما أوجبه الله تعالى عليهم من رعاية أولادهن في أحضان الخادمات !! والله المستعان.      



Pages

كافة الحقوق محفوظة للكاتب 2015 © مدونة أبي عبد الله عادل آل حمدان الغامدي